متحف التاريخ الطبيعي في أبوظبي يفتح أبوابه في نوفمبر

سائح-يشهد المشهد الثقافي في العاصمة الإماراتية أبوظبي حدثاً طال انتظاره، حيث تم الإعلان رسمياً عن افتتاح متحف التاريخ الطبيعي في 22 نوفمبر المقبل في المنطقة الثقافية بجزيرة السعديات. ويُعد هذا المتحف واحداً من أبرز المشاريع الثقافية والعلمية في المنطقة، إذ يهدف إلى تقديم رحلة علمية وتاريخية تغطي نحو 13.8 مليار سنة من عمر كوكب الأرض، من الانفجار العظيم حتى تطور الحياة الحديثة.

رحلة عبر تاريخ الأرض وتنوعها

يعد متحف التاريخ الطبيعي في أبو ظبي بمثابة بوابة زمنية تأخذ الزوار في جولة شاملة عبر التاريخ العميق لكوكبنا. تبدأ الرحلة من نشأة الكون وتشكل النظام الشمسي، مروراً بتطور الكائنات الحية وسقوط الديناصورات، وصولاً إلى ظهور الإنسان. ومن أبرز المعروضات التي ستجذب الأنظار الهيكل العظمي الكامل تقريباً لديناصور تيرانوصور ريكس الشهير باسم "ستان"، الذي عاش قبل نحو 67 مليون سنة. كما سيضم المتحف عينة نادرة لحوت أزرق أنثى يبلغ طولها 25 متراً، تُعد الأكبر من نوعها، لتجسد التنوع البيولوجي الهائل للحياة البحرية. ومن بين الكنوز العلمية الأخرى المعروضة نيزك "ميرشيسون" الذي يحتوي على حبوب مادية يُقدّر عمرها بسبعة مليارات سنة، لتكون أقدم مادة معروفة على كوكب الأرض.

تصميم معماري مستوحى من الطبيعة

يتميز المتحف بتصميم فريد يجمع بين الإبداع المعماري والانسجام البيئي، من توقيع المكتب الهولندي الشهير "ميكانو" (Mecanoo). فقد صُمم المبنى ليتناغم مع الطبيعة المحيطة بجزيرة السعديات، إذ يبدو كأنه نبت من الأرض بتدرجات صخرية طبيعية وانحناءات انسيابية. يمتد المتحف على مساحة 35 ألف متر مربع، ويضم مجموعة من القاعات والمعارض الدائمة التي تسرد قصة الأرض عبر مراحلها المختلفة، مثل "العالم المتطور"، و"كوكب صامد"، و"مستقبل الأرض"، إلى جانب مختبرات تعليمية مثل مختبر علم الأحافير ومختبر علوم الحياة، التي تمكّن الزوار من التفاعل المباشر مع الاكتشافات العلمية الحديثة. كما يحتفي المتحف بالاكتشافات المحلية، ومنها بقايا نوع منقرض من الفيلة يُعرف باسم Stegotetrabelodon emiratus، الذي يعكس غنى التراث الطبيعي للإمارات.

معارض الافتتاح ورؤية مستقبلية

بمناسبة الافتتاح، سيحتضن المتحف معرضين دوليين مميزين: الأول بعنوان "مسيرة ترايسيراتوبس"، الذي يعرض القطيع الوحيد في العالم من ديناصورات الترايسيراتوبس المكتشفة حديثاً، والثاني هو معرض "المصور الفوتوغرافي للحياة البرية للعام 61"، أحد أشهر المعارض العالمية في مجال تصوير الطبيعة. ويؤكد معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، أن المتحف يمثل خطوة استراتيجية في تطوير المشهد الثقافي للإمارة، قائلاً إن "المتحف يقدم رؤية علمية شاملة مؤطرة من منظور عربي فريد، تُبرز مساهمة المنطقة في التاريخ الطبيعي لكوكب الأرض". كما تهدف المؤسسة البحثية التابعة للمتحف إلى دعم الأبحاث العلمية المتقدمة في مجالات علم الحيوان والبيولوجيا البحرية والأحافير، بما يعزز مكانة أبوظبي كمركز عالمي للبحث العلمي.

يشكل افتتاح متحف التاريخ الطبيعي في أبوظبي محطة جديدة في مسيرة الدولة نحو دمج الثقافة بالعلم، والتاريخ بالمستقبل. فإلى جانب كونه وجهة تعليمية وسياحية عالمية، فإنه يمثل منصة لتجسيد علاقة الإنسان بالطبيعة، ويؤكد على التزام الإمارات بمواصلة الاستثمار في المعرفة والبيئة، من أجل مستقبل أكثر استدامة وتنويراً للأجيال القادمة.