
"سرقة في "اللوفر
سرقة في “اللوفر” تعيد فتح ملف السرقات الكبرى في المتاحف العالمية
الاتحاد العربي للإعلام السياحي-أغلقت السلطات الفرنسية أبواب متحف اللوفر في باريس صباح الأحد، بعد حادثة سرقة جديدة أعادت إلى الأذهان واحدة من أشهر القصص في التاريخ الفني، سرقة لوحة الموناليزا قبل أكثر من مئة عام، إذ تمكن اللصوص هذه المرة من التسلل إلى داخل المتحف مستخدمين أدوات متطورة ودقة في التخطيط، بينما لم تكشف التحقيقات حتى الآن عن حجم المسروقات أو طبيعتها، لتتحول الواقعة إلى حديث العالم الثقافي والفني خلال الساعات الماضية.
وأثارت الحادثة موجة من الدهشة والقلق داخل الأوساط الأوروبية، خاصة أن اللوفر يُعد أحد أكثر المتاحف حراسة في العالم، وتأتي الواقعة لتذكّر بتاريخ طويل من السرقات التي استهدفت كنوزه الفنية على مدار العقود، والتي رغم خطورتها، ساهمت أحيانًا في منح بعض القطع شهرة استثنائية تجاوزت حدود قيمتها المادية.
وشهد اللوفر في عام 1911 حادثة مشابهة حين سُرقت لوحة الموناليزا الشهيرة من قِبل عامل النظافة الإيطالي فينشنزو بيروجيا، الذي اختبأ داخل المتحف حتى أغلق أبوابه، ثم هرب باللوحة تحت معطفه دون أن يشعر به أحد.
لم يُكتشف غياب اللوحة إلا بعد مرور يوم كامل، ولم يكن في المتحف حينها نظام إنذار فعّال، لتتحول القصة إلى واحدة من أكثر الحوادث الفنية إثارة في القرن العشرين، وبعد عامين عُثر على اللوحة في فلورنسا عندما حاول بيروجيا بيعها، لكنه خرج من القضية بسبعة أشهر فقط من السجن، بينما خرجت الموناليزا بشهرة أبدية جعلت منها رمزًا للفن العالمي.
وعلى امتداد التاريخ الحديث، تكررت حوادث السرقة في متاحف العالم بأساليب مختلفة، ففي عام 1972 شهد متحف مونتريال للفنون الجميلة في كندا واحدة من أضخم السرقات، حين اقتحم ثلاثة لصوص المكان ليلاً من سطح المبنى وسرقوا 18 لوحة فنية نادرة بينها عمل لرامبرانت، إلى جانب مجوهرات تعود إلى القرن السابع عشر، ولم يُعثر على معظم تلك القطع حتى اليوم رغم مرور عقود على الحادثة.
وفي عام 1990 وقعت أكبر سرقة فنية في التاريخ داخل متحف إيزابيلا ستيوارت غاردنر في بوسطن، حين انتحل رجلان صفة رجال شرطة واقتحما المتحف فجرًا وسرقا 13 عملًا فنيًا تقدر قيمتها بنصف مليار دولار، من بينها لوحات لفيرمير ولامبرانت، لتظل الجريمة حتى اليوم لغزًا لم تفك شفراته الأجهزة الأمنية الأمريكية.
ولم تكن باريس بعيدة عن هذا التاريخ المتكرر، ففي عام 2010 نفذ اللص الفرنسي الشهير فيريان توميتش، الملقب بـ”سبايدرمان”، عملية سرقة جريئة داخل متحف الفن الحديث، بعد أن عطّل نظام الإنذار وسرق خمس لوحات لعمالقة الفن مثل بيكاسو وماتيس بقيمة تجاوزت مئة مليون دولار، ورغم القبض عليه لاحقًا وسجنه لثماني سنوات، فإن اللوحات لم تُستعد حتى الآن.
وفي عام 2019 دوّى خبر سرقة مجوهرات متحف غرين فولت في دريسدن الألمانية بعد اقتحامه فجرًا وإشعال حريق قربه لتعطيل الكهرباء، حيث استولى اللصوص على تحف تقدر قيمتها بأكثر من 123 مليون دولار، قبل أن تتمكن الشرطة لاحقًا من القبض على أفراد العصابة واستعادة جزء من المسروقات.
وفي مشهد حديث لا يقل جرأة، تعرض المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في باريس خلال سبتمبر 2025 لعملية سرقة جديدة، حين استخدم الجناة أدوات لحام لانتزاع عينات ذهبية تقدر قيمتها بـ600 ألف يورو، لتضاف هذه الواقعة إلى سلسلة طويلة من السرقات التي تثبت أن الفن، رغم جلالته وقيمته الثقافية، يظل مطمعًا دائمًا للجرأة البشرية في كل زمان ومكان.

